14 مارس 2018
Loader Loading…
EAD Logo Taking too long?

Reload Reload document
| Open Open in new tab

Download [4.03 MB]

الملاحق:

بطاقات تقييم الأداء النيابي حسب الكتل : 

ملخص تنفيذي

إيمانا منها بالمكانة المحوريّة التي يحتلّها مجلس نواب الشعب في النظام السياسي وفي تفعيل مقتضيات دستور الجمهورية الثانية وإرساء مقومات الإنتقال الديمقراطي, تتشرّف منظّمة البوصلة بعرض تقريرها السّنوي الذّي حاولت من خلاله رصد نشاط المجلس وتقييم أشغاله وطريقة أداء نوّابه من خلال تحليل كلّ أدوار المجلس وتقييمها، من دور تشريعي ورقابي وتمثيلي.

لم تكن أعمال مجلس نواب الشعب خلال الدورتين العادية والاستتثنائية بمعزل عن الإطار العام السياسي والاقتصادي والاجتماعي للبلاد. حيث افتتحت الدورة البرلمانية الثالثة مباشرة بعد إمضاء وثيقة قرطاج، التي جمعت بين عديد المنظمات الفاعلة وجملة من الأحزاب وانبعثت منها كذلك حكومة وحدة وطنية برئاسة يوسف الشاهد، حكومة تبّنت تصوّرا للخروج من الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي عاشتها البلاد من خلال رسم وتحديد أولويات تتمحّور أساسا حول محاربة الفساد، تسريع نسق النمو، استكمال تركيز المؤسسات وإرساء سياسة خاصة بالمدن والجماعات المحلية.

أما الواقع الاجتماعي شهد هو الآخر العديد من التقلّبات والأزمات الاجتماعية لعلّ أبرزها إعتصام الكامور في ولاية تطاوين، وما شهده من تطوّرات دفعت النّواب لمحاولة التفاعل معها.

كل هذا لم يكن في معزل عن الأزمة الاقتصادية المتواصلة و التي تمر بها البلاد وصعوبة وضعية المالية العمومية وعجز ميزانية الدولة وارتفاع المديونية.

في ظلّ هذه الرهانات الكبرى، كان من المنتظر أن يلعب مجلس نوّاب الشعب خلال الدورة البرلمانية الثالثة دورا هاما في إرساء مختلف بنود هذه الوثيقة على أرض الواقع من خلال استكمال تركيز المؤسسات التي نصّ عليها الدستور على غرار المحكمة الدستورية والهيئات الدستورية المستقلة وتفعيل الباب السابع من الدستور المتعلق بالسلطة المحلية والمصادقة على مجلة الجماعات المحلية الى جانب رهان محاربة الفساد، إلّا أن السياق العام  للدورة البرلمانية الثالثة اتسّم بتراخ كبير في تكريس مقتضيات الدستور بعد ستّ سنوات من ثورة 17 ديسمبر-14 جانفي، إلى جانب أزمات الهيئات الدستورية التي وقع إرسائها خلال الدورات البرلمانية السابقة فقد عرفت الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات أزمة تمثلت في استقالة رئيسها ونائبيه وهيئة الحقيقة والكرامة هي الأخرى عرفت جملة من الاستقالات التي أثرت على مسار العدالة الانتقالية.

جميع هذه الاحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية اثّرت على مسار أعمال مجلس نواب الشعب ومثّلت كذلك تحديات لمدى تجاوب نسقه التشريعي والرقابي معها.

وفي هذا الإطار جاء هذا التقرير لتقييم كيفيّة أداء الدور التشريعي للنّواب سواء داخل اللّجان أو خلال الجلسات العامّة ومدى قدرة المجلس على التّعامل مع جملة الرّهانات المطروحة عليه، إضافة إلى تقييم دورهم الرقابي ومدى توظيفهم للآليات المنصوص عليها في الدّستور وفي النظام الدّاخلي للمجلس.

تميّز اﻷداء التشريعي للنوّاب خلال الدورة البرلمانيّة الثالثة بغياب أولويّات تشريعيّة واضحة يُحدّد من خلالها مجلس نوّاب الشّعب جدول أعماله. ويبدو ذلك جليّا من خلال الشّروع في مناقشة عديد مشاريع القوانين ثمّ إرجاء النّظر فيها لمناقشة مشاريع قوانين أخرى تفاعلا مع أحداث وعوامل خارجيّة على غرار حادثة تزويج الفتاة من مغتصبها التي أدّت إلى التسريع بمناقشة مشروع القانون المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة أو حادثة إيقاف شابّين إثر استهلاك موادّ مُخدّرة الّتي تمّ على إثرها التسريع بمناقشة مشروع القانون المُنقّح لقانون سنة 1992 المتعلّق بالمخدّرات، كذلك  حادثة اغتيال عون اﻷمن في منطقة بئر الحفي الّتي أعادت مشروع قانون زجر الاعتداء على القوات المسلحة إلى طاولة النقاش. هذا الإضطراب في العمل التشريعي يعكس خضوع مجلس نوّاب الشعب إلى اﻷحداث والضغوط الخارجية الّتي تؤثّر مباشرة في أولويّاته التشريعيّة وتُحدّد رزنامة عمله.

إضافة إلى ما ذكر مسبقا، إتّسم آداء السلطة التشريعيّة في بعض الجوانب بالتناقض. فمن جهة سعى مجلس نواب الشعب إلى الاضطلاع بدوره في مكافحة الفساد والجريمة الاقتصادية من خلال سنّ قوانين ساهمت في تعزيز الترسانة التشريعية في هذا المجال، على غرار القانون المتعلّق بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي وقانون حماية المبلغين عن الفساد وقانون هيئة مكافحة الفساد، صادق المجلس من جهة  أخرى على قانون المصالحة في المجال الإداري الذي يُكرّس الإفلات من العقاب.

بدا جليّا أيضا أنّ دور مجلس نوّاب الشعب إقتصر على تحفيز الحكومة على تقديم مشاريع قوانين وإيداعها لدى السُّلطة التشريعيّة، ويتجلّى ذلك في عدد مقترحات القوانين الصادرة عن النوّاب الّتي تمت المصادقة عليها خلال الدورة البرلمانية الثالثة والتي بلغ عددها مقترحَين اثنَين، وهو ما يفضي إلى القول إنّ مجلس نوّاب الشعب لم يولِ الاهتمام الكافي للمبادرات التشريعيّة الواردة من النوّاب وإنّما إكتفى بتطبيق اﻷولويات التشريعيّة الّتي تفرضها الحكومة من خلال مشاريع القوانين الواردة من الوزارات ورئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية.

أمّا بالنسبة إلى الدّور الرقابي للمجلس والمتمثّل في آليات اﻷسئلة الشفاهيّة والكتابية وجلسات الحوار مع الحكومة، لاحظت البوصلة عدم تطبيق مقتضيات النّظام الداخلي فيما يتعلّق بدورية انتظام جلسات الحوار مع الحكومة والّتي حُدّدت بمرّة كل شهر.

كما ارتأى مجلس نوّاب الشعب تخصيص أيّام السّبت لجلسات عامة للأسئلة الشفاهيّة، غير أنّ نسبة الحضور في هذه الجلسات ضعيفة، حيث يكاد يقتصر فقط على النوّاب المعنيّين بطرح الأسئلة دون غيرهم، وفي ذلك خرق للنظام الداخلي الذي يُحدّد ضرورة انعقاد الجلسة العامّة بعد نصف ساعة من موعد انطلاق أعمالها على أن لا تقلّ نسبة الحضور عن الثُّلث.

و فيما يتعلّق بالدّور التمثيلي للنّواب في بُعديه الوطني والدّولي، فإنّ المجلس لم  ينشُر فحوى اﻷنشطة الّتي قام بها النوّاب خارج أروقة المجلس ولم يُوفّر الموارد الماديّة واللّوجستيّة الّازمة لتمكينهم من التنقّل في مختلف المناطق والاضطلاع بدورهم التمثيلي على أكمل وجه.

وتغتنم البوصلة فرصة نشر تقريرها السّنوي لتعرض جملة من التّوصيات الّتي ما انفكّت تُقدّمها منذ بداية الدّورة النيابيّة والّتي لم يتفاعل معها مجلس نوّاب الشعب إيجابيّا. تنصّ هذه التّوصيات على ضرورة :

  • تحديد مجلس نوّاب الشعب لأولويّات تشريعيّة واضحة من شأنها أن تُعزّز مسار الانتقال الديمقراطي من خلال تركيز الهيئات المنصوص عليها بالدستور وتُحقّق أهداف الثّورة من تحقيق للتّنمية والتشغيل وتضمن الحقوق والحريّات،
  • تكريس آليات الشفافيّة من خلال نشر محاضر الجلسات وقائمات الحضور بشكل منتظم واتّخاذ الإجراءات اللازمة للحدّ من تكرّر الغيابات الّتي تُعرقل العمل التشريعي،
  • تفعيل الاستقلالية الماليّة والإداريّة لمجلس نوّاب الشعب حتى يضطلع بأدواره التشريعيّة والرقابيّة والتمثيليّة على أكمل وجه،
  • الحسم فيما يخصّ اللّجوء الآلي إلى “التّوافقات” خلال مناقشة مقترحات التعديل على مشاريع القوانين المعروضة على الجلسة العامّة إمّا بتضمينها في النّظام الداخلي حتّى تُصبح هيكلا قانونيّا، أو بالتخلّي عنها نهائيّا حتّى لا يتمّ إفراغ اللّجان والجلسة العامّة من مُحتويهما،
  • تنظيم عمل اللّجان من خلال تكريس المقاربة التشاركيّة الفعليّة وضمان علنيّة انعقاد اللّجان انسجاما مع حقّ المواطن في الاطّلاع على سير عمل المجلس وهياكله.